24 ساعة
أراء وكتاب
يوميات
خارج الحدود
الباحث رفيقي: أنشودة الأذان “لوحة إبداعية جميلة”
وصف محمد عبد الوهاب رفيقي، باحث في الإسلاميات، الأنشودة التي ضمّت مقطعا من الأذان وترانيم مسيحية ودعاء يهوديا، أمام الملك محمد السادس والبابا فرانسيس الأول تحت سقف معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدات والمرشدين، بـ”اللوحة الإبداعية الجميلة”.
وكتب رفيقي في تدوينة على صفحته الرسمية أن “الأصوات التي تولول وتصيح وتستنكر” ما تضمّنته هذه اللوحة بحجة تعارض ما فيها مع عقائد المسلمين، وأن الأذان لا يمكن أداؤه بطريقة غنائية أو خلطه بما هو فني، تنطلق، في رأيِه، من أصلين أساسيين هما: “عقدة التفوّق، والعداء التاريخي للفنّ”.
وأضاف أن من أسباب رفض المقطع الإنشادي “عقدة التفوّق، واعتقاد بطلان كل العقائد سوى ما يؤمنون به، وجزمهم بأن من لم يكن على عقيدتهم فهو من أصحاب النار خالدا مخلدا فيها أبدا”.
هذا الاعتقاد لا يخفى ما فيه من “عنصرية”، حَسَبَ الباحث ذاته، وهو ما “استنكره القرآن على أهل الكتاب أنفسهم” في الآية القرآنية التي تقول: “وقالت اليهود ليست النصارى على شيء، وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم”. إلى جانب استنكار القرآن على أهل الكتاب اعتقادهم بأفضليتهم على غيرهم، بقوله: “وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق”، وهي الآيات الموجهة للمسلمين “حتّى لا يقعوا فيما وقع فيه من قبلهم”، بالنسبة لرفيقي.
وأضاف الباحث في الإسلاميات أن السبب الثاني لرفض مجموعة من الأصوات “اللوحة الإبداعية الجميلة” هو “عداؤهم التاريخي للفن”، متسائلا في هذا السياق: “كيف تريد ممن يعتبر مجرد سماع معزوفات موسيقية دون كلمات منكَرا ولهوا من الحديث، ويستحق سامعها صب الرصاص في أذنه يوم القيامة، أن يستسيغ سماع كلمات مقدسة تؤدى بألحان موسيقية؟ كيف وهو يرى الفن رجسا ودنسا أن يقبل بخلطه بالمقدس؟ كيف تريد ممن لا يعرف للفن قيمة ولا دورا في الحياة ولا علاقته التاريخية بالأديان أن يوافق على ترنيم جزء من الأذان؟ علما أنه لا يدري أن ما يسميه بعلم “تجويد القرآن” ليس إلا ترنيما للقرآن وتوظيفا للمقامات الغنائية التي لم يعرفها المسلمون في قرونهم الأولى؟”.
واستخلص رفيقي أنه من “الطبيعي أن يكون رد الفعل بهذه الانفعالية والصخب”، واستدرك قائلا إن “الغريب المضحك أن هؤلاء أنفسهم من يتحدث عن التسامح، وهم أنفسهم من هللوا لحضور النيوزيلنديين مراسيم صلاة الجمعة، فالتسامح برأيهم هو تسامح الآخر معهم لا تسامحهم مع غيرهم”، ثم ختم تدوينته موردا: “بعد كل هذا يقال من أين أتت داعش؟ ومن أين لها هذه الأفكار المتطرفة؟ وأنها مؤامرة على الإسلام والمسلمين”.
تجدر الإشارة إلى أن أنغام الأوركسترا الفيلهارمونية المغربية، التي تضمّنت مقاطع من الأذان باللغة العربية تُكبِّر الله وتقرّ بنبوّةَ رسوله الخاتم، ومقاطع من الدعاء اليهودي، وصلاة “السلام عليك يا مريم”، أو “آفي ماريا” لكاتشيني، قد خلقت جدلا على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” بين مستنكر “تلحين الأذان”، وبين مرحّب بـ”الإبداع الفني”، وبين منتقد دلالة اختيار المسلم ليكون الرجل الوحيد بين المنشِدَتَين، ورمزيّة اللباس المغربي غير المنمّق الذي ارتداه.
وإلى جانب بيان استنكاري عمّمه الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين اعتبر فيه مزج الأذان بالترانيم والأناشيد الكَنَسيَّة “تلفيقا وأمرا مرفوضا لا يليق بعقيدة التوحيد”، وبيان لـ”رابطة العلماء المسلمين” وصف الأمر بـ”التلفيق بين الأذان وشعائر الكفر”، توالت تدوينات فاعلين سلفيين مثل محمد الكتاني الذي قال: “اللهم إنا نبرأ إليك من رفع الأذان وكلمة التوحيد مع الموسيقى وسط ترانيم النصارى وتبرّج النساء”، و”ليت أمهاتنا لم تلدنا حتى نرى شعار التوحيد يُعبَث به أمام الدعاة والمرشدين”.