24 ساعة
أراء وكتاب
يوميات
خارج الحدود
تفعيل الفصل 103 من الدستور .. استقالة جماعية أم مزايدة سياسية؟
تجدّد النّقاش السّياسي بشَأْنِ السّيناريوهات الدستورية للخُروج من “بلوكاج” “قانون الإطار” الذي يُثير جدلاً برلمانياً مُستعرا، بعد دعْوة حزب الاستقلال المعارض رئيسَ الحكومة، سعد الدين العثماني، إلى تفْعيل مقتضيات الفصل 103 من الدستور، من خلال ربْطِ طلبِ الموافقة على مشروع القانون الإطار المذكور، لدى مجلس النواب، بتصْويت منْح الثقة للحكومة حتى تواصل تحمّل مسْؤوليتها.
وينصُّ الفصل 103 من الدّستور على أنه: “يمكن لرئيس الحكومة أن يربط، لدى مجلس النواب، مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها بتصويت يمنح الثقة بشأن تصريح يدلي به في موضوع السياسة العامة، أو بشأن نص يطلب الموافقة عليه”.
ويُضيف: “لا يمكن سحب الثقة من الحكومة، أو رفض النص، إلا بالأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم مجلس النواب. لا يقع التصويت إلا بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على تاريخ طرح مسألة الثقة. يؤدي سحب الثقة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية”.
وإنْ كانَ مقترحُ حزبُ الاستقلال يبقى بعيداً عنِ التّنزيل بسَببِ تكلفته السّياسية الباهظة ورفْض العثماني القاطع لأيّ مغامرة “مجهولة” العواقب تسيرُ في هذا التّوجه، فإنّ الأغلبية ستجدُ نفسها في مأزق جديدٍ بسبب تعطل المصادقة على قانون الإطار، الذي تمّ تأجيله إلى موعد غير محدّدٍ، ما يعني أن تمريره في الدورة البرلمانية الاستثنائية سيكون مستبعداً.
ويقسّمُ قانون الإطار للتعليم مكونات الأغلبية الحكومية بسبب تنامي الخلاف حول تدريس بعض المواد العلمية والتقنية باللغة الفرنسية، وذلك بعد تراجع فريق حزب العدالة والتنمية عن التوافقات التي عقدها مع مكونات الغرفة الأولى، وهو ما سيجْعلُ مستقبل التحالف الحكومي غامضاً.
ويرى المحلل السياسي خالد البكاري أنّ “الدعوة إلى تفعيل الفصل 103 من الدستور، رغم معقوليتها، تدخل في باب المزايدات السياسية؛ فإذا نظرنا إلى مبررات هذه الدعوة نجدها معقولة بالنظر إلى الانقسامات التي تعيشها الأغلبية، والتي تضخمت لتصل حد شل العمل التشريعي في علاقة بمشروع قانون الإطار للتربية والتكوين”.
وتوقف البكاري عندَ الجهة الداعية لتفعيل هذا الفصل، والتي “تدرك أن العمل الحزبي والبرلماني والحكومي لا يخضع لا للمعقولية الدستورية ولا للمعقولية السياسية، بل تتحكم فيه رؤية تجعل الصراعات الحقيقية والمخدومة لا تصل حد تهديد التوافقات الكبرى، وعلى رأسها التوافقات الهوياتية”.
واعتبر الأستاذ الجامعي أن “من شأن تفعيل هذا الفصل على ضوء أزمة مناقشة مشروع القانون الإطار أن يؤدي إلى تطور يفضي إلى الانتقال من الانقسام الحزبي والبرلماني نحو انقسام مجتمعي بمنطلقات هوياتية، كما حصل في لحظة مناقشة الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية”، مشيراً إلى أنّ “القصر لا يمكن أن يسمح في هذه اللحظة المفتوحة على الاحتمالات بتطور في هذا الاتجاه”.
وتوقّعَ الجامعي ذاته أن تبقى الأمور في إطار المماحكات والمزايدات التي لا تتعدى قبة البرلمان والبلاغات، إلى أن يتم تجاوز هذه اللحظة بتوافقات كالعادة ترضي الجميع ولكنها تبقي أسباب الأزمة قائمة.
من جهة أخرى، شدّد البكاري على أن “هذا السجال لا يخدم مصالح العدالة والتنمية؛ إذ من جهة يكشف تناقضاته الداخلية التي حاول إخفاءها عبر جلسات الحوار الداخلي، ومن جهة أخرى يكشف لقاعدته، سواء الحزبية أو الانتخابية، محدودية تأثيره في النسق العام لإنتاج القرار، مما يجعل كل انتصاراته الانتخابية تتحول إلى خسارات في المشروع الذي يحمله”.
وختم المتحدث قائلاً إن “التكتيك الانتخابي الذي اعتمد البيجيدي في آخر استحقاق، القائم على ثنائية نظافة اليد من جهة، والاستهداف من طرف التحكم من جهة ثانية، قد يبقى صالحاً”.