24 ساعة
أراء وكتاب
يوميات
خارج الحدود
الجزائريون مرعوبون من نفاذ النفط والغاز خلال عشر سنوات
ما زال الجرس الذي يقرع مند سنوات ،في الجزائر من دون تحرك ولا حتى ملتفت لهذا القرع العنيف فهي لا تصدر سوى النفط ولا تنتج محليا أي منتوج يحقق الاكتفاء الذاتي، وتستورد من عائدات النفط فقط، وفواتير الدواء والقمح والسكر والحليب .
مداخيل المحروقات، التي كانت وما زالت مصدر دخل الخزينة الرئيسي، وإن كان تراجع أسعار النقط عالميا قد أحدث صدمة على اقتصاد البلد وموارده، لكن السكتة القلبية بدأت معالمها تظهر مع كشفت التقارير الجدية على أن محطات إنتاج في الجزائر لن تكون قادرة على الوفاء بالتزامات تصدير النفط والغاز في أفق 2030.
هذا الاستشراف دفع بالكثير من المختصين والخبراء الجزائريين إلى التساؤل عن بدائل، معتبرين أن الحكومة تخفي الحقيقة عن الرأي العام وتضخم من تقديراتها لدواعي سياسية.
رغم أن كل الخبراء يجمعون على أن إجمالي احتياطي الجزائر بما في ذلك مخزون الغاز الصخري، لن يضمن أكثر من 10 سنوات من الاستهلاك، خاصة في ظل تنامي الطلب الداخلي، معتبرا أن شركة سونلغاز ستحتاج سنة 2030 مثلا إلى 85 مليار م3 من الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء اللازم لتلبية حاجيات السوق الداخلي فقط، أي أنه اعتبارا من هذه المرحلة ستصبح الجزائر عاجزة عن تصدير غازها الطبيعي إلى زبائنها المعتادين.
والكل يعلم أن الجزائر بلغت ذروة إنتاجها النفطي سنة 2008، بعد ثلاث سنوات من الإنتاج المفرط ما بين 2005 و2007، الذي بلغ حينها 02 مليون برميل يوميا داخلة بذلك في مرحلة التهاوي، التي سترتها بحسبه الأسعار المرتفعة، التي استمرت إلى غاية سنة 2014. أما بالنسبة للغاز، الأرقام الرسمية تشير إلى زخر الجزائر بحوالي 4.600 مليار م3 من الاحتياطي، في حين أن معدل الإنتاج الوطني ناهز 140 مليار م3 سنويا منها 50 بالمائة موجهة للاستهلاك المحلي، أي أن الجزائر لا تتوفر رسميا سوى على 86 مليار م3 موجهة للتصدير.
ويبدو أن هذا المشهد القاتم لن يتحسن بسعي الحكومة لاستغلال الغاز الصخري، في ظل تدهور أسعار النفط في الأسواق العالمية،كما أن سعر الغاز الصخري الأمريكي لا يتجاوز 03 دولار/الوحدة، في حين أن تكلفة الإنتاج المقدرة للغاز الصخري الجزائري هي 15 دولار/الوحدة، وأن استخراج مليار م3 من الغاز الصخري يستلزم 01 مليون م3 من الماء العذب في بلد يعاني الجفاف.
وبلغت عائدات الجزائر من المحروقات مليار دولار في 2019، تتمثل بمبيعات الغاز وأيضا صادرات البترول الخام مما يؤثر هذا تراجع الذي طرأ في عائدات على النقد الأجنبي خلال 2019 ، نتيجة تراجع معدل أسعار النفط الخام من 71 دولار للبرميل في 2018 إلى 64 دولار في 2019 وإلى 64 دولار وإلى29 دولار في2020.
هذا تراجع في الاحتياط النقدي الأجنبي سيصل إلى 44.2 مليار دولار بنهاية 2020 مما يجعل توجه إلى المديونية هو حل حيث ميزان المدفوعات سيصل في 2020 إلى 8.5 مليارات دولار مقابل 16.6 مليار دولار في 2019، أي بانخفاض قدره 8.1 مليارات دولار ومن المتوقع أن يكون 123 دينارا للدولار الواحد في 2020، و128 ديناراً و133 دينارا في العامين المواليين.
وإن لم تجدد احتياطات الغاز وتزيد من الاستثمارات في هذا القطاع، ستواجه مشاكل جدية في التصدير اعتبارا من 2027، ولن تستطيع تصدير الغاز بحلول 2032 برغم أنها فقدت أسواق مهمة بسبب منافسة ومجبرة على تخفيض الأسعار وتجديد عقود بأثمان بخسة .
والخطير تراجع اثمنة الغاز في الأسواق الدولية بنسبة 67 في المائة مند خمس سنوات بسبب إغراق سوق بالغاز الأمريكي مما حتم على الجزائر البيع بالخسارة في ظل تراجع الأسعار وإرتفاع ثمن تكلفة إنتاج.
وأنتجت الجزائر ما يفوق 130 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي في 2019، صدرت منها نحو 51 مليار متر مكعب، وبلغ الاستهلاك المحلي 43 مليار متر مكعب.
وتطرح كل هذه الأرقام تحديات صعبة على الحكومة وتساؤلات عديدة بالنسبة للرأي العام، حول حقيقة احتياطي الجزائر من الغاز والبترول، ومدى نجاعة السياسات المتتالية، التي انتهت آخرها بتبني نهج المزيد من التبعية للمحروقات، من خلال تفكير في استغلال الغاز الصخري للحد من انهيار مداخليها بسبب نفاد مخزونها، بعد سنوات من الاستغلال المفرط والعشوائي.